الحُكم الضعيف المُرتهَن في لبنان يحاول أن يستفيد من «الفرصة»، أي صعود إسرائيل وعدوانها في زمن ترامب. نواف سلام، المُقلّ في الكلام والتصريح والمقابلات، لا يفوِّت فرصة للإدلاء بكلام الثناء على ترامب.
هل يظنّ أنّ ترامب يتابع تصريحاته عن بُعد وينتظر بشَوق ردوده على أفعاله وهي في جُلّها شنيعة ضدّ العرب والمسلمين؟ هل يظنّ نواف أنّ ترامب سيشكِّل رافعة انتخابية له في غياب القاعدة الشعبيّة (ما خلا قاعدة سلام بين جمهور القوات والكتائب وحرّاس الأرز)؟ وجوزيف عون لم ينتظر طويلاً وصرّح بالمكنون: أنّه يريد مفاوضات مع إسرائيل «لحلّ المشاكل».
متى حُلّت مشاكل مع إسرائيل بالمفاوضات؟ كلّ المفاوضات التي جرت بين لبنان وإسرائيل (وهي كثيرة) لم تُفضِ إلى شيء إلّا الضغط على لبنان لوضْع سيادته بتصرّف جيش العدوّ؟
المرّة الوحيدة التي تنازلت فيها إسرائيل كانت في عام ٢٠٠٠ عندما أجبرَتها ضربات المقاومة المتصاعدة على الهرب من لبنان. وماذا يظنّ لبنان أنّه سيقطف من أميركا؟
ونغمة حصريّة السلاح باتت ممجوجة وهي لا تنطلي على أحد، وبخاصّة في هذا الأسبوع. يدورُ المسؤولون الأميركيون في لبنان والمنطقة ويعِظون بضرورة حصريّة السلاح وضرورة نزْع سلاح الميلشيات، لكنْ قبل يومَين رصد مجلس النواب الأميركي ملايين الدولارات للميلشيات التي تدعمها وتموِّلها أميركا في سوريا كي تنفِّذ أجندتها وأجندة إسرائيل.
لا تسري حصريّة السلاح على سوريا وهي اليوم-تحت حُكم القاعدة-حليفة لإسرائيل وأميركا معاً؟ يريد الفريق الحاكم في لبنان أن يجد لنفسه مقعداً على طاولات المفاوضات، لكنّ المقعد لن يُرتّب له قبل أن يُشعل الحُكم حرباً أهلية تريدها إسرائيل. والتحيّة التي وجّهها ترامب من الكنيست (المكان صدفة؟ لا مغزى له؟) لجوزيف عون وإنجازاته في مجال حصريّة السلاح ليست ذات قيمة.
لكنّه أهمله من بين كلّ الرؤساء في الأمم المتحدة ولم يلتقط معه الصورة التذكارية التي يمنحها الرئيس الأميركي لحُكّام العرب المصطفّين طويلاً للقاء الثواني المعدودة. يقف نواف سلام وجوزيف عون بالصف: ينتظران بشوق فرصة لقاء ترامب والتربيت على الكتف. لكنّ الطريق إلى ذلك محفوف بالدفع للفتنة.